يواجه العديد من الأهل والأطفال والمراهقين في الوقت الحالي صعوبات نفسية، مثل القلق، والمشاكل الاجتماعية، وصعوبات في الأداء، مما يجعل مهمة العودة إلى المدرسة أكثر تحديًا. في هذه اللحظات، من المهم التحضير بأفضل طريقة لضمان أن تكون هذه السنة فرصة للنمو والتقدم المشترك.
مع اقتراب بداية العام الدراسي الجديد، تتبادر إلى الأذهان آمال ومخاوف مختلفة. نحن كبالغين في النظام التعليمي نحمل معنا تجارب متنوعة تشمل النجاحات، الفشل، والمشاعر الأخرى التي قد تنعكس في أقوالنا وتصرفاتنا تجاه أطفالنا. علاوة على ذلك، يشعر بعض الأهل بأن أطفالهم مروا بصعوبات في التكيف مع النظام التعليمي في الماضي والحاضر، مما يسبب لهم القلق والمخاوف، وقد يؤدي أحيانًا إلى أزمة ثقة في مواجهة واقع معقد. في هذه الأوقات، من المهم التحضير بطريقة مدروسة لضمان أن تكون هذه السنة فرصة للنمو المشترك والتقدم.
هناك عدة خطوات يجب عليك اتباعها، لتسهيل بداية العام والانتقال.
ماذا يمكننا أن نفعل؟ أولًا، من المهم أن نأخذ لحظة للتوقف والتفكير بصدق ووضوح في مواقفنا ومشاعرنا تجاه النظام التعليمي الذي سجلنا أطفالنا فيه، وما هي مشاعرنا تجاه الأنظمة التعليمية بشكل عام، وما هي التجارب التي نحملها في علاقتنا مع النظام التعليمي وفي تجاربنا كأهل طوال السنوات الماضية. هذا التوقف مهم للقيام بعملية فحص حقيقية للوضع الذي نعيشه كأهل، مما يساعدنا في اتخاذ قرارات حول كيفية التقدم وكيفية ضبط مشاعرنا بشكل أفضل. من المهم أن نتذكر أنه دون العمل على تعزيز الثقة والشراكة مع النظام التعليمي، لن نتمكن من توحيد الجهود لصالح الطفل/الطفلة.
في إطار هذا التوضيح، من المفيد الجلوس مع الوالد الآخر لمناقشة الموضوع وتوسيع التفكير للتوصل إلى استنتاجات مشتركة. في نفس الوقت، يُنصح بترتيب لقاء مع الطفل أو المراهق في جو مريح، مثل الخروج في نزهة أو القيام بنشاط مشترك للاستماع إلى مشاعره ومنحه مساحة للتعبير عن نفسه. كثيرًا ما يحدث أن مشاعر الإحباط والصعوبات العاطفية تتحكم في الأجواء العائلية، مما يؤدي إلى الكثير من الخلافات والصراعات والابتعاد العاطفي. لذلك، من المهم أن نمنح المشاعر مكانًا، وأن نبحث في كيفية تحسين العلاقة الإيجابية مع الطفل أو المراهق.
في المرحلة التالية، من المهم تحديد كيفية تعزيز الثقة والتواصل مع الطفل والنظام التعليمي لبناء فريق عمل مشترك. يمكن القيام بذلك من خلال تحديد لقاء شخصي مع المعلم/المعلمة أو المستشارة، أو التفكير في تنظيم اجتماع مع جهات أخرى حسب الحاجة. من المهم تقديم جميع المعلومات المتعلقة بالطفل، مثل الأزمات التي تمر بها العائلة (مثل الطلاق أو الحزن)، وصعوبات الطفل ونقاط قوته، والتشخيصات السابقة، وملخصات العلاج، وذلك بطريقة إيجابية وشاملة. يجب العمل على تعزيز التواصل البناء والإيجابي.
إذا كان هناك بالفعل صدع في الثقة والتواصل، فمن الأفضل التفكير في إشراك طرف محايد ليكون وسيطًا وميسرًا. في بعض الأحيان، عندما تكون أزمة الثقة كبيرة، قد يكون من الضروري إشراك جهات من المجلس المحلي أو البلدية للتفكير معًا في كيفية بدء صفحة جديدة. لجعل هذه اللقاءات أكثر فاعلية، يُنصح باستخدام مبادئ التواصل الهادف أو مهارات التعامل بين الأشخاص، مثل المبادئ الموجودة في العلاج السلوكي الجدلي (DBT).
من المهم أن نتذكر أنه بشكل عام، نوايا جميع الأطراف المعنية (الأهل، النظام التعليمي، والعلاج) طيبة، وأن المعنيين يعملون عادةً بدافع الإحساس بالرسالة والارتباط بالقيم. مع ذلك، قد تكون هناك خلافات حول طريقة العمل، وقد يحدث إحباط بسبب نقص الموارد أو تراكم مشاعر العجز مع مرور الوقت. يجب أن نتذكر أن هناك دائمًا قيودًا ونواقص في أي نظام، وأنه يتعين علينا العمل بشكل إبداعي مع المتاح، مع البحث عن طرق إيجابية لزيادة الموارد. في هذه المرحلة، من المفيد التحقق مع المدرسة أو الجهات المحلية لمعرفة ما إذا كانت هناك موارد إضافية يمكن أن تساعد في العمل مع الطفل. كما يمكن التفكير في الاستفادة من الحقوق المتاحة والتفكير خارج الصندوق، مثل التواصل مع حركات الشباب أو المتطوعين للعمل بعد المدرسة على المهارات الاجتماعية، أو الانضمام إلى برامج أخرى، وهو ما يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا.
من المستحسن أن نفكر مع الطفل فيما يمكن أن يعزز من قدراته على التقدم، مثل المواد التي يحتاج فيها إلى دعم لسد الفجوات، المهارات التي يريد تقويتها، أو الأنشطة التي قد يختارها هذا العام، مع التركيز على الأنشطة في أوقات الفراغ التي تتماشى مع اهتمامات الطفل وتعزز شعوره بالقدرة والتقدير. تعزيز المرونة وبناء العلاقات الإيجابية مع المحيط يعد أمرًا بالغ الأهمية في عملية النمو الإيجابي. تحققوا أين يمكنكم تعزيز العلاقات الإيجابية مع الطفل، وابحثوا عن مجموعات أو منظمات يمكن أن ينضم إليها، أو عن طفل يمكن أن يكون صديقًا مناسبًا له. شجعوا على الأنشطة الاجتماعية وتنويع ساعات الأنشطة في أوقات الفراغ بحيث لا يسيطر وقت الشاشة على تطور مهارات أخرى يمكن للطفل أن يوسعها.
قبل العودة إلى المدرسة، من المفيد التفكير في كيفية إدارة روتين عائلي مستقر وهادئ. كيف نبدأ يومنا في الصباح؟ متى نذهب إلى النوم؟ اكتبوا مع كل طفل المهام التي يجب أن ينفذها في الصباح (لأطفال يعانون من صعوبة في التنظيم، يمكن استخدام لوحة ملونة أو ساعة ملونة لتحديد الوقت الذي يجب فيه إتمام كل مهمة). يمكن التفكير معًا في كيفية ترتيب الحقيبة الدراسية والمواد، والاستفادة من النصائح الخاصة بتنظيم الأطفال والأهل الذين يعانون من ADHD لتحسين تنظيم اليوم والعمل معًا كفريق لتحسين الجو داخل المنزل. بالنسبة للواجبات المدرسية، من المهم التفكير في الأوقات الأكثر فعالية للمذاكرة وأداء الواجبات. كيف يمكننا مساعدتهم في أن يصبحوا أكثر استقلالية في هذا المجال؟ (على سبيل المثال، تحديد عدد الواجبات والمهام المناسبة مع المعلم، وفقًا لاحتياجات الطفل الخاصة وصعوباته مثل صعوبات التعلم، القلق، أو اضطرابات الانتباه وفرط النشاط).
إذا كان طفلكم يتلقى علاجًا من طبيب مختص في الانتباه أو طبيب أعصاب أو طبيب نفسي للأطفال، يجب ترتيب موعد متابعة والتفكير معًا في خطة العمل للعام القادم. من المستحسن قبل العودة إلى المدرسة تقليل القلق من خلال زيارة المدرسة، وتجربة طرق الوصول إليها، وتنظيم لقاءات اجتماعية، ومراجعة المهام، وإغلاق الفجوات حسب الحاجة. العمل مع طفلكم على تحديد الحدود والمتطلبات، مع توفير احتواء عاطفي، يعد أمرًا حاسمًا في تطوره السليم. كلما أُتيحت للطفل المزيد من الفرص لممارسة التكيف مع التحديات والطلبات والصعوبات، مع تعزيزات إيجابية ودعم، زادت قدرته على التعامل مع الأزمات.
العديد من الأطفال يمرون بأزمات، لكن في كل واحد منهم توجد قوى يمكن استخدامها لمساعدته على التكيف. كل عام يوفر فرصة للتوقف وإعادة تخطيط المسار. في بعض الأحيان، يمكن أن يكون الانتقال إلى صف دراسي جديد أو اختيار بيئة تعليمية أكثر توافقًا مع رؤيتكم التعليمية أو احتياجات الطفل نقطة تحوّل. كلما تمكنا من الاستثمار بشكل إيجابي في الاستماع والتحقق من المشاعر والعمل بشكل أفضل مع التحديات، ستكون السنة أكثر نجاحًا ونموًا. تذكروا أنكم لستم وحدكم، فالكثير من الأطفال والمراهقين يواجهون صعوبات.
إذا كنتم أو أطفالكم في أزمة نفسية خطيرة أو تهدد الحياة، يجب التوجه فورًا للاستشارة مع المهنيين المختصين مثل الأخصائي النفسي في المدرسة أو المستشارة التعليمية. يمكنكم أيضًا التوجه للاستشارة الأولية مع طبيب الأطفال أو طبيب العائلة، أو طلب مساعدة من الخدمات النفسية المتوفرة. وفي حالات الطوارئ المتعلقة بخطر الانتحار أو إيذاء النفس، يجب التوجه فورًا إلى غرفة الطوارئ لتقييم الوضع.