إدارة مرض السكري في مكان العمل

كيف يمكن مواجهة الضغوط، والتغذية، وتحقيق التوازن؟

غالبية الأشخاص المصابين بالسكري هم في سن العمل. يمكن للإدارة الصحيحة للمرض في بيئة داعمة أن تحسن الصحة، وتمنع المضاعفات، وتتيح نمط حياة مستقر وصحي.

السكري في مكان العمل: الحفاظ على التوازن خلال ساعات العمل

قد تؤدي ساعات العمل الطويلة، والضغوط، وعدم انتظام ، وقلة الوقت للنشاط البدني إلى صعوبة إدارة السكري. إن  الإدارة الصحيحة للمرض في مكان العمل تعد جزءًا أساسيًا من الحفاظ على توازن السكر، والصحة العامة، وجودة الحياة، وهي ممكنة تمامًا.

العمل كجزء من العلاج

تؤثر بيئة العمل مباشرة على مستويات السكر في الدم بالنسبة لحوالي 70٪ من المصابين بالسكري في سن العمل. إن الالتزام بتناول الطعام بانتظام، ومتابعة مؤشرات السكر، وتوافر القدرة على الاستجابة السريعة لحالات نقص أو ارتفاع السكر كلها عناصر أساسية من العلاج.
ويتيح تنظيم بيئة العمل لدعم هذه الاحتياجات إدارة فعّالة للمرض ويقلل من خطر المضاعفات.

التكنولوجيا المساعدة في مكان العمل

تتوفّر اليوم العديد من الحلول التقنية التي تسهّل إدارة السكري أثناء ساعات العمل. ويُنصح بالتشاور مع الطبيب/ة لاختيار الأدوات المناسبة بحسب الاحتياجات الفردية ونوع العمل.

فعلى سبيل المثال، تتيح أجهزة المراقبة المستمرة للسكر (CGM) وأنظمة ضخ الإنسولين الحفاظ على التوازن حتى في الأيام المزدحمة، مع توفير إشعارات فورية تشير إلى تغيّر مستويات السكر. يمكن ضبط التنبيهات لتكون صامتة أثناء الاجتماعات، أو متابعة المؤشرات عبر تطبيق الهاتف المحمول، أو حماية المستشعر بملصق مناسب في الأماكن الحارة أو تلك التي تتطلب نشاطًا جسديًا.

في أماكن العمل التي تتضمن تعرضًا للحرارة أو الجهد البدني، من المهم تخزين الإنسولين بشكل آمن وضمان ثبات الملصق.

من الجدير ذكره أن البيانات الآتية من أجهزة المراقبة هي بيانات شخصية، وقرار مشاركتها أو عدمه هو قراركم الشخصي فقط.

أهمية التنسيق والدعم

يتجنب العديد من الموظفين إبلاغ صاحب العمل أو الزملاء بتشخيص إصابتهم بالمرض خشية الوصمة.
لكن الأبحاث تظهر أن المشاركة المدروسة مع البيئة المحيطة يمكنها  أن تضمن تسهيلات بسيطة لكنها مهمة، مثل: المرونة في أوقات الاستراحة، والوصول إلى الثلاجة، قياس السكر أثناء الاجتماعات، وأخذ قسط من الراحة عند نقص السكر.

يمكن لأصحاب العمل المساهمة بشكل كبير من خلال خلق حوار مفتوح، وتوجيه الفريق حول المرض، وتشجيع بيئة عمل داعمة ولا تسارع إلى إطلاق الأحكام المسبقة.

التغذية الذكية خلال اليوم

يسهم الالتزام بمواعيد الوجبات المنتظمة، وتناول أطعمة غنية بالألياف، وقليلة السكريات البسيطة، في ضمان توازن السكر وتقليل التقلبات.

كما يساعد التخطيط المسبق للوجبات اليومية أو إحضار الطعام من المنزل في الحفاظ على الاستقرار حتى في الأيام المليئة بالعمل.

يُنصح بالحصول على استشارة غذائية لتعديل النظام وفقًا لظروف العمل، مثل اختيار الوجبات المناسبة من قائمة الكافتيريا، وتناول الطعام أثناء الاجتماعات، أو كيفية الاستعداد عند عدم توفر ثلاجة.

إدارة الضغط النفسي والإجهاد

يؤثر الضغط المزمن مباشرة على مستويات السكر في الدم عبر إفراز هرمونات التوتر (الكورتيزول والأدرينالين). إن الحفاظ على التوازن بين العمل والراحة، وأخذ استراحات مدروسة، وممارسة تمارين التنفس أو المشي القصير خلال اليوم ليست رفاهية، بل هي جزء من العلاج الطبي المستمر.

العلاج الدوائي والمتابعة

يجب أن يكون لدى الموظفين الذين يحتاجون لحقن الإنسولين أو فحص الدم أثناء اليوم استعداد مسبق يشمل توافر الأدوات، والبيئة المريحة، وتوفر مكان نظيف. حتى في فترات العمل المزدحمة، من المهم الالتزام بالمتابعة المنتظمة لمنع المضاعفات أو التعب المتراكم ("احتراق السكري").

الصحة النفسية ليست أمرًا ثانويًا

هناك ارتباط وثيق بين السكري والحالات النفسية مثل القلق، والاكتئاب، واضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه، حيث يُبلغ ثلاثة من كل أربعة أشخاص مصابين بالسكري عن شعورهم بالقلق، والتوتر، والمزاج السيء المرتبط بالتعامل اليومي مع المرض.

تشير الدراسات في لئوميت خدمات الصحة إلى أن مرضى السكري الذين يعانون أيضًا من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه معرضون بشكل أكبر لاختلال توازن سكري، ومضاعفات السكري، والزيارات المتكررة للطوارئ، والمكوث الطويل في المستشفى.

إن الجمع بين السكري واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، لدى الأطفال والكبار، قد يؤدي إلى صعوبة الالتزام بالعلاج، وعدم الانتظام في المراقبة، أخطاء في جرعات الإنسولين، وإهمال النشاط البدني والنظافة الشخصية، وأهمها الإهمال في العناية بالقدم – ما يزيد من خطر المضاعفات طويلة الأمد.

كما تحسّن الاستعانة بالدعم النفسي، وتوافر مجموعات الدعم، أو الخدمات المجتمعية، بشكل كبير من الالتزام بالعلاج، والتوازن الجلوكوزي، وجودة الحياة.

حالات الطوارئ – انخفاض السكر (Hypoglycemia) في العمل

الأعراض الشائعة: التعرق، الارتعاش، الارتباك، الضعف، الدوخة أو الغثيان.

ماذا نفعل؟

  1. التوقف فورًا عن العمل.
  2. تناول أو شرب مصدر سريع للكربوهيدرات، مثل أقراص الغلوكوز، العصير، أو ملعقة صغيرة من العسل.
  3. الانتظار لمدة 15–10 دقيقة وإعادة القياس.
  4. إذا كانت الوجبة التالية بعيدة، تناول وجبة خفيفة صغيرة.
  5. إذا ظهر ارتباك شديد أو فقدان للوعي، فعليكم الاتصال بخدمة الإسعاف فورًا. لا تطعموا شخصًا فاقدًا للوعي. إذا كان هناك غلوكاجون متوفر، فإن عليكم استخدامه وفق التعليمات حتى وصول الطاقم الطبي
التعامل مع الهيبوجلايسيميا

ورديات العمل، والسفر، والبيئات الصعبة

  • قبل وردية العمل أو السفر: عليكم التأكد من توفر المعدات، وتحضير وجبة خفيفة، وضمان إمكانية القياس أو الوصول للطعام.
  • أثناء العمل: التخطيط للاستراحات، وشرب كمية كافية من الماء، وتجنب تفويت الوجبات.
  • بعد العمل: متابعة القياسات، واستشارة الفريق الطبي إذا لوحظت تقلبات حادة في مستويات السكر.
  • في الأيام الحارة أو الباردة: الحفاظ على برودة الإنسولين، شرب كمية كافية من الماء، وحماية القدمين.

كيف يمكن لمكان العمل تقديم أفضل دعم؟

تعدّ بيئة العمل الداعمة جزءًا مهمًا من العلاج. إن تنظيم مكان العمل بحيث يراعي احتياجات الموظفين المصابين بالسكري يعزز كلّ من الأداء، والدافعية، والصحة العامة للجميع. ويمكن للتغييرات البسيطة والتسهيلات الصغيرة أن يكون لها تأثير كبير على صحة الموظفين ومساعدتهم على إدارة المرض:

الإتاحة والتسهيلات البسيطة

توفّر ثلاجة، ومكان خاص للقياس أو الحقن، وتوافر الطعام والمشروبات، واستراحات قصيرة مرنة.

التوعية والتثقيف

تثقيف الفريق عن مرض السكري، بكيفية التعرف على انخفاض السكر، وما يجب فعله في حالات الطوارئ.

الوقاية من التوتر والإرهاق

خلق أجواء هادئة، وموازنة الأعباء، وإتاحة فرصة لممارسة تمارين التنفس أو المشي القصير خلال اليوم.

التغذية الصحية

توفير الوجبات المتوازنة في الكافتيريا، ووضع لاصقات تعريفية بكمية الكربوهيدرات، واختيار وجبات صحية أثناء الاجتماعات.

الصحة النفسية

ربط الموظفين بخدمات الدعم النفسي أو تقديم ورش عمل حول التوازن وإدارة الضغوط.

الحوار المفتوح والخصوصية

إتاحة فرصة المشاركة فقط مع من يختاره/ا الموظف/ة، مع احترام كامل للخصوصية.

متى يجب مراجعة الطبيب/ة؟

إذا لاحظتم تقلبات شديدة في مستويات السكر، أو تراجع في الأداء الوظيفي، أو تعب شديد، أو صعوبات عاطفية في إدارة المرض، فيُنصح بالاستشارة مع طبيب/ة مختص/ة أو ممرض/ة السكري.

نظن أنك قد تكون مهتم