الحصبة: مرض الأطفال الذي عاد إلى الحياة

الحصبة هي مرض تلوثي معدي جدا، وهو يشكل في بعض الأحيان خطرا على الحياة. بتنا نشهد انتشارا متجددا لمرض الحصبة في كل من أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل، تنصح وزارة الصحة من يرغبون بالسفر إلى التأكد من حصولهم على تحصين ضد المرض، كما تقوم بتحديث توجيهاتها فيما يتعلق بالحصول على التطعيم.

د. دورون دوشينتسكي، لئوميت خدمات صحية

تحديثات في ظل تفشّي الحصبة (آب 2025)

توصي وزارة الصحة في هذه الفترة بالتأكّد من الحالة التطعيمية لجميع أفراد العائلة واستكمال أي تطعيمات ناقصة. الأطفال الذين لم يتلقّوا بعد الجرعتين المقرّرتين من التطعيم (في عمر السنة وفي الصف الأول)، وخاصة في المناطق ذات معدّل إصابة مرتفع أو قبل السفر إلى الخارج، يُنصح بتقديم موعد تلقي الجرعة الثانية.

كما توصي وزارة الصحة بإعطاء جرعة إضافية من تطعيم MMR للرضّع بين عمر 6–11 شهرًا المقيمين في القدس، بني براك وبيت شيمش، أو للرضّع في هذه الأعمار قبل السفر إلى الخارج. هذه الجرعة لا تُحتسب من ضمن التطعيمات الروتينية، لكنها تمنح حماية جزئية. ويجب تلقي جرعة إضافية عند بلوغ عمر السنة، مع الحفاظ على فاصل زمني لا يقل عن 4 أسابيع بين الجرعة المُعطاة قبل عمر السنة والجرعة التالية.

الحصبة (measles, rubeola) هي واحدة من أكثر الأمراض المعدية شيوعًا في العالم. يعيش الفيروس في أنف وحلق المصابين، ويتسبب في الحمى، والطفح الجلدي، واحمرار العينين، والسعال. يُعتبر فيروس الحصبة معديًا بدرجة كبيرة، إذ ينتقل عبر الهواء من خلال ملامسة رذاذ اللعاب وسوائل الجسم (من خلال السعال أو العطس)، ويمكنه البقاء حيًّا لمدة ساعتين على أسطح مختلفة. يُعد المرض معديًا لدرجة أن 90% من الأشخاص غير المطعّمين الذين يتعرضون له يُصابون به أيضًا.
يوجد لقاح ضد الحصبة، وتُقدّر فعاليته بنسبة 99%. وفي عام 2000، افترضت منظمة الصحة العالمية أن الحصبة قد تم القضاء عليها ولم تعد موجودة في الولايات المتحدة.
منذ ذلك الحين، تنامَت حركات الرافضين للتطعيم، وبدأت أمراض كانت جزءًا من الماضي بالظهور من جديد. واعتبارًا من نيسان 2025، سُجِّلت في الولايات المتحدة زيادة حادّة في حالات الحصبة، مع انتشارها حول العالم وفي إسرائيل.

ما هو مرض الحصبة؟

الحصبة هي مرض طفولي مُعدٍ للغاية، يتسبب في ظهور طفح جلدي في جميع أنحاء الجسم. تنجم الحصبة عن فيروس ينتقل عبر الهواء. يمكن أن تُصاب بالعدوى إذا كان شخص مريض يسعل أو يعطس بالقرب منك، أو إذا شاركك الطعام والشراب، أو عند تواجدك في نفس الغرفة معه.
تكون العدوى مُعدية منذ أربعة أيام قبل ظهور الطفح الجلدي وحتى أربعة أيام بعد ظهوره، وتحدث العدوى بشكل أساسي قبل ظهور الطفح.
الحصبة معدية جدًا، ويُواجه الشخص غير المُطعّم الذي يتعرض للمرض خطرًا بنسبة 90% للإصابة به.

ما هي أعراض المرض؟

تبدأ أعراض الحصبة عادة بعد مرور أسبوع إلى أسبوعين من التعرض للفيروس. الأعراض الأولى تشبه الزكام الحاد – وتشمل ارتفاعًا في درجة الحرارة يزداد مع تقدم المرض (حتى حرارة مرتفعة تفوق 39 درجة مئوية)، وسيلان الأنف، والعطاس، والسعال، وألم الحلق. في بعض الأحيان، تتورم الغدد اللمفاوية.
تتراجع هذه الأعراض لاحقًا، وتظهر نقاط حمراء داخل الفم، يليها طفح جلدي يشمل الجسم بأكمله.

كيف يبدو الطفح الناجم عن الحصبة؟

يبدأ الطفح الجلدي الأحمر من خط الشعر ويمتد نزولًا إلى الوجه والعنق، وفي غضون يومين يغطي الجسم بالكامل بما في ذلك راحتي اليدين وأخمصي القدمين. يتميز الطفح بمناطق واضحة، وعند الضغط عليه يصبح لون المنطقة أبيض. يختفي الطفح بنفس الترتيب الذي ظهر فيه، وفي بعض الأحيان يترك وراءه جلدًا متقشرًا.

تستمر فترة حضانة المرض، أي الفترة ما بين التعرض للعدوى وظهور الأعراض، ما بين 10 إلى 14 يومًا.

في حال ظهور أعراض الحصبة، من المهم جدًا التواصل مع المركز الطبي قبل الوصول إليه، من أجل الحصول على تعليمات تمنع تعريض المرضى الآخرين للعدوى.

ما هي التعقيدات المحتملة للمرض؟

تُعرّف منظمة الصحة العالمية الحصبة بأنها "أخطر مرض طفولي جلدي قاتل".

يُواجه الأطفال دون سن الخامسة، أو البالغون فوق سن العشرين، خطرًا حقيقيًا على حياتهم في حال الإصابة بالمرض.

في معظم الحالات، يتعافى الأشخاص من الحصبة خلال نحو أسبوعين، لكن هناك خطر حدوث مضاعفات مثل التهاب الرئتين، والتهاب الأذن الوسطى، والتهاب قرنية العين، وتضرر في الكبد، والتهاب السحايا، والوذمة الدماغية، وغيرها.

التهاب دماغي مزمن - أخطر هذه المضاعفات هو ما يُعرف بـ SSPE، وهو التهاب دماغي مزمن يظهر بعد 7 إلى 13 عامًا من لحظة الإصابة. يُعد هذا الالتهاب شبه قاتل دائمًا، ويؤدي إلى أضرار بالغة وغير قابلة للعكس في الجهاز العصبي المركزي، بما يشمل التدهور العقلي، ونوبات التشنج، وغير ذلك.

مع الإشارة إلى أن بعض المضاعفات الخطيرة نادرة نسبيًا، إلا أن الحصبة مرض شديد العدوى، ومع ازدياد عدد المصابين، ترتفع أيضًا احتمالية ظهور هذه المضاعفات النادرة.

كيف يجب معالجة المرض؟

لا يوجد دواء يُشفي من مرض الحصبة، كما أن المضادات الحيوية لا تؤثر على الفيروسات المسببة للمرض. العلاج الأكثر فعالية هو العلاج المنزلي الداعم، والذي يشمل إعطاء مسكنات للألم وأدوية لخفض الحرارة، بهدف التخفيف عن المريض. ونظرًا لأن المرض معدٍ بشكل خاص، يجب تجنّب التعرض، قدر الإمكان، لأشخاص غير مُطعّمين أو ذوي جهاز مناعي ضعيف.

ما الذي يمكن عمله في حال المخالطة؟

في حال التعرض للعدوى، يُنصح بالتوجّه العاجل عبر الهاتف إلى دائرة الصحة الإقليمية. سيُتّخذ قرار بشأن الحاجة إلى تلقي علاج وقائي (تطعيم) ضد الحصبة، وذلك بناءً على عوامل مثل السن والحالة التلقيحية. قد يساهم الحصول على اللقاح بعد التعرّض في منع الإصابة بالمرض، أو التخفيف من حدّته، لدى الأشخاص الذين لم يتلقّوا التطعيم بعد.

يُعدّ التطعيم النشط وسيلة فعّالة للوقاية من المرض، خاصة إذا تم إعطاؤه خلال 72 ساعة من التعرض للمرض. وإذا تم إعطاؤه بعد 72 ساعة، يُوصى به لحماية من التعرضات المستقبلية، مع العلم أن هذه الجرعة لا تحمي من العدوى الحالية.

أما العلاج الوقائي عبر التطعيم السلبي (الغلوبيولين المناعي)، فيكون فعّالًا إذا أُعطي خلال 6 أيام من التعرض للعدوى، للأشخاص الذين يُمنع عليهم تلقي التطعيم النشط، مثل الأطفال دون سن ستة أشهر، النساء الحوامل، أو الأشخاص الذين يعانون من كبت مناعي حادّ.

مع ذلك، من المهم أن تعرف أن هناك عدة حالات لا يمكن فيها تلقي اللقاح النشط (العادي)، ومنها:

  • النساء الحوامل اللاتي لم يتلقين اللقاح النشط ضد الحصبة في السابق.
  • الرضع حتى سن ستة أشهر.
  • الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة (مثلًا نتيجة لأدوية معينة).

في هذه الحالات، يُوصى بتلقي لقاح حصبة سلبي، الذي يحتوي على أجسام مضادة ضد الفيروس. من المهم أن تعرف أن هذا اللقاح لا يوفر حماية طويلة الأمد لسنوات عديدة، على عكس اللقاح النشط (العادي).
يتم اتخاذ قرار نوع اللقاح من قبل الفريق الوبائي التابع لوزارة الصحة.

اللقاح

تلقي التطعيم هو الوسيلة الأفضل للوقاية من الإصابة بمرض الحصبة ومن مضاعفاته المحتملة. عادةً ما يتم تحقيق استجابة مناعية كافية بعد نحو أسبوعين من موعد التطعيم.

يُعتبر التطعيم آمنًا تمامًا للاستخدام، وتشمل الأعراض الجانبية المحتملة ارتفاعًا طفيفًا في الحرارة بعد 6 إلى 12 يومًا من تلقي اللقاح، أو طفحًا جلديًا خفيفًا ومؤقتًا.

من يجب أن يتلقّى تطعيم الحصبة؟

يُعتبر محصّنًا ضد الحصبة من لديه وثائق طبية تثبت إصابته بالمرض في الماضي، سواء تم تشخيصه سريريًا أو مخبريًا، ومن لديه وثائق تثبت تلقيه جرعتين من التطعيم، مع فاصل لا يقل عن 4 أسابيع بين الجرعتين بعد عمر 12 شهرًا.

الأطفال بعمر سنة - ضمن برنامج التطعيم في عيادات الرضع وجرعة ثانية في الصف الأول – جرعتان إلزاميتان.
المولودون في 1956 وما قبله يُعتبرون محصّنين طبيعيًا لكونهم تعرضوا للفيروس في طفولتهم.
المولودون بين 1957–1977 ليسوا محصّنين بالكامل – يُنصح بإكمال التطعيم.
المولودون من 1978 فصاعدًا من المفترض أن يتلقوا جرعتين – إذا لم يتلقوها، يجب استكمال التطعيم.

عادةً ما تتحقق الاستجابة المناعية الكافية بعد حوالي أسبوعين من موعد التطعيم.

الأعراض الجانبية للقاح

قد تظهر لدى بعض من تلقّوا اللقاح أعراض جانبية. في معظم الحالات، تكون هذه الأعراض الجانبية خفيفة وتزول من تلقاء نفسها:

  • الاحمرار، والانتفاخ، والألم في موضع الحقنة: يمكن أن تظهر حتى 4 أيام من موعد تلقي اللقاح.
    العلاج والتخفيف يكون باستخدام كمّادات فاترة. يجب تجنّب تدليك المكان.
  • ارتفاع درجة الحرارة - خلال فترة تتراوح ما بين 7-3 أيام من تلقي اللقاح.
    العلاج والتخفيف يكون باستخدام أدوية خافضة للحرارة، وذلك وفقًا للتعليمات الموجودة على عبوة الدواء أو حسب إرشادات طاقم الصيدلية أو الطاقم الطبي.
    طفح جلدي- حتى 42 يوما من موعد تلقي اللقاح.

أعراض نادرة: التهاب في الجهاز التنفسي العلوي، سيلان الأنف، انتفاخ في الغدد اللمفاوية وغدد اللعاب، فقدان الشهية، إسهال، تقيؤ، نعاس، تعب، ضعف، بكاء، اضطرابات في النوم، توتر، التهاب في الخصيتين، ونوبات تشنج..

يُوصى باستخدام مستحضرات خفض الحرارة وتسكين الألم وفقًا للتعليمات المرفقة أو بحسب توجيهات طاقم الصيدلية أو الطاقم الطبي.

إذا بدا الطفل أو الطفلة خاملًا بعد تلقي التطعيم، أو إذا استمرت الحمى لأكثر من 48 ساعة، أو ظهرت نوبات تشنج، أو كدمات زرقاء على الجلد، أو أي عرض آخر يثير قلقك أو شكوكك – يُنصح بالتوجه إلى مركز الاستشارة الطبية أو استشارة الطبيب/ة المعالج/ة.

هل ستسافرون إلى الخارج؟ افحصوا إن كان يتعين عليكم تلقي لقاح!

يُنصح بإعطائهم جرعة واحدة.

هذه الجرعة لا تُعدّ ضمن جدول التطعيم الرسمي، ويجب إعطاء جرعة إضافية بعد بلوغ عمر السنة.

يجب التأكد من تلقيهم جرعتين من التطعيم، مع فاصل زمني لا يقل عن 4 أسابيع بين الجرعتين. تُعتبر الجرعة الثانية صالحة حتى إذا تم إعطاؤها قبل سن 6 سنوات، بشرط أن تكون كلتا الجرعتين قد أُعطيتا بفاصل لا يقل عن 4 أسابيع ابتداءً من عمر 12 شهرًا.

يُعتبرون محصّنين، ولا يحتاجون إلى تلقي أي تطعيم إضافي ضد الحصبة.

وفقًا لتوجيهات وزارة الصحة، يجب استكمال التطعيم بجرعة واحدة أو جرعتين، بحسب العمر والحالة التطعيمية.

يُنصح بفحص سجل التطعيمات للتأكد من تلقي جرعتين من اللقاح.

لا يُسمح بتطعيم المرأة الحامل بتطعيم MMR.

أين يمكن تلقي لقاح ضد الحصبة؟

  • الرضّع بعمر نصف سنة حتى سنة، المقرّر سفرهم إلى الخارج، يتلقّون تطعيم MMR في عيادات المسافرين.
  • أما الرضّع بعمر نصف سنة حتى سنة، المقيمون في القدس، بني براك وبيت شيمش، فيتلقّون تطعيم MMRV في مراكز "طيبات حلاف" (رعاية الأم والطفل) مجانًا. (تحديث: آب 2025)
  • الأطفال من الصف الأول حتى الصف التاسع: يحصلون على اللقاح ضمن خدمات الصحة المدرسية، مجانًا.
  • الأطفال من الصف التاسع حتى الصف الثاني عشر الذين لم يتلقّوا تطعيمًا كاملًا: يمكنهم تلقي التطعيم في عيادات التطعيم التابعة لدائرة الصحة، مجانًا.
  • الأشخاص من عمر 18 عامًا فما فوق: يحصلون على اللقاح مقابل دفع كامل، في عيادات المسافرين أو في دوائر الصحة.
  • الأشخاص الذين لم يُولدوا في إسرائيل و/أو لا يوجد لديهم توثيق بالتطعيمات: يجب إحالتهم لإجراء فحص وتلقي التطعيمات في عيادة المسافرين أو في دائرة الصحة. يشمل الاستشارة وتلقي التطعيم في هذه المراكز دفع رسوم.

نظن أنك قد تكون مهتم